11 نوفمبر 2022

ماذا يعني وصول الجيل زد لقطاع الأعمال في إيران؟

إيران/اقتصاد
الزبدة
التفصيل
الزبدة
التفصيل

سواء أدت موجة الاحتجاجات المستمرة في إيران إلى تغييرات مهمة في هياكل الحكم أم لا، يتعين على مجتمع الأعمال في البلاد أن ينظر في الحقائق الاجتماعية والاقتصادية الجديدة.

وتمت مناقشة الأبعاد الاجتماعية والسياسية للاحتجاجات الحالية على نطاق واسع، وهي باتت تشير إلى عدد من التحولات الاجتماعية. علاوة على ذلك، قدم الخبراء بعض الأفكار حول العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي ساهمت في موجات الاضطرابات المختلفة في العقدين الماضيين. لكن بالنظر إلى ما وراء الموجة الحالية من المظاهرات، من المهم قياس تجلي التحول الجيلي الحالي على القوى العاملة الإيرانية.

لقد تصارع أرباب العمل الإيرانيون لعقود مع ظواهر مثل فقدان المواهب والهجرة والعقوبات وتعطل الإنترنت وعوامل عدم يقين أخرى. وتُعرّض الموجة الجديدة والمستمرة من الاحتجاجات قادة الأعمال لتوقعات الشباب الإيراني ومواقفه. وتبدو المجموعة الديموغرافية المعروفة باسم الجيل زد أكثر ثقة بالنفس وأكثر تطلبًا من كبار السن. وسيكون لهذا تداعيات تستوجب في نهاية المطاف معالجتها ليس فقط من قبل النخب السياسية، لكن أيضًا من قبل رجال الأعمال. لكن ما هي التحولات التي تخوضها الأجيال على وجه التحديد، وماذا تعني لمستقبل القوى العاملة في البلاد؟

 

الاتجاهات الديموغرافية

تشير أحدث التوقعات الديموغرافية لإيران إلى أن سكان البلاد يقعون في الفئة متوسطة العمر. ويعني متوسط ​​العمر الشريحة التي لم تكن قد بلغت 18 عامًا 1990 والتي بلغت اليوم 32 عامًا. ويمكن رؤية هذا المسار أيضًا في جمهور الناخبين. ففي عام 2009، كان متوسط ​​عمر الناخب 35 عامًا، وارتفع إلى 38 عام 2013. من الناحية العملية، هذا يعني أن المجتمع يشيخ مع دخول عدد أقل من المواطنين الأصغر سنًا إلى سوق العمل.

وتشير التوقعات المستندة إلى آخر إحصاء رسمي  لعام 2016 إلى أن الفئة العمرية بين 15 و24 عامًا التي تسمى الجيل زد تشكل اليوم حوالى 13 بالمئة من إجمالي السكان. ومع ذلك، يمكن القول إن الجيل زد لم ينضم بعد بشكل كامل إلى فئة السكان النشطين، خاصة وأن شريحة كبيرة منه لا تزال في التعليم الثانوي والتعليم العالي. بينما من هم في الثلاثينيات من العمر يشكلون أكبر شريحة، أي 20 بالمئة من السكان النشطين. كما تشكل الفئة العمرية بين 30 و39 عامًا حوالى 41 بالمئة من القوة العاملة.

وبالنظر إلى أن نسبة بطالة الشباب في إيران تبلغ حوالى 25 بالمئة، من الواضح أن بصمة الجيل زد لا تزال محدودة في القوى العاملة. لكن مما لا شك فيه أن هذا الجيل الشاب سيكون له تأثير كبير على مستقبل العمل في البلاد. وكان على أرباب العمل على مدار العقد الماضي أن يتكيفوا مع الحقائق الديموغرافية لجيل الألفية الذي يدخل سوق العمل. ومع استعداد الجيل زد للانضمام إلى القوى العاملة في السنوات المقبلة، هناك دلائل على أن الموجة التالية من التكيف ستكون أكثر صعوبة. في الواقع، في حين أن المجتمع المتقدم في السن قد يكون نعمة للسلطات لأنه لا يخلق ضغوطًا على خلق الوظائف، من المرجح أن تتطلب التوقعات والأنماط السلوكية المختلفة بين الجيل القادم من العمال إصلاحًا تنظيميًا بالإضافة إلى تغييرات في ثقافة الأعمال والجوانب الأخرى من ممارسة الأعمال التجارية في إيران.

 

ميزات الجيل زد الإيراني

منذ اندلاع الاحتجاجات التي لا تزال مستمرة منذ سبتمبر/أيلول 2022 والتي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني خلال احتجازها من قبل شرطة الأخلاق، حاول الكثيرون استنتاج سمات الجيل الجديد بناءً على شكاواهم. على سبيل المثال، تؤكد عالمة الاجتماع الإيرانية فاطمة صادقي أن "الحرية والكرامة" هما مطلبان أساسيان للمحتجين. من ناحية أخرى، وإدراكًا للاتجاهات الأوسع الواضحة، حذر الخبير في قضايا الشباب علي أصغر سيد آبادي من تعميم خصائص الجيل زد في إيران. في الوقت نفسه، شدد على أن "الجيل الجديد أكثر تسامحًا وأكثر قدرة على التكيف وأكثر واقعية وأكثر تنوعًا من الصورة التي تم تكوينها عنه".

ولعل أحد الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من الموجة الحالية من الاضطرابات هي أن الجيل الشاب من الإيرانيين قد تخلص من الخوف الذي زرعته الجمهورية الإسلامية  لدى آبائهم، للسيطرة على حياتهم بشكل أكبر. وفي هذا السياق، وعلى حد تعبير أحد الخبراء الذين تحدثوا إلى موقع أمواج.ميديا، بشرط عدم الكشف عن هويته، فإن الجيل زد الإيراني لم يعد مطيعًا على عكس الأجيال السابقة.

ومن المحتمل ألا يؤدي هذا التصميم على تجاوز الهياكل الأبوية القائمة إلى استمرار الاشتباكات مع المؤسسة السياسية فحسب، بل سينسحب أيضًا على ثقافة الأعمال التقليدية الموجودة في إيران. ومن المهم أيضًا مراعاة أن الجيل زد الإيراني يريد الاتصال باستخدام الخدمات عبر الإنترنت كما هو الحال في المجتمعات الأخرى. ويتعارض هذا بشدة مع القيود المتزايدة على الإنترنت التي تفرضها السلطات والتي تولد بدورها المزيد من السخط ليس فقط بين الشباب لكن أيضًا على مردود الشركات الناشئة التي يقودها جيل الألفية في إيران.

 في نهاية المطاف، وبغض النظر عن كيفية تصنيف الشباب الإيراني، فإن أصواتهم ومطالبهم تتعارض مع المؤسسة الحاكمة القديمة التي يهيمن عليها الذكور والمحافظون ولا يجب أن يغيب عن بال أحد أن هذا التنافر بين النخبة الحاكمة والمواطن العادي، أو الفجوة بين الدولة والمجتمع، لطالما كانت مشكلة في إيران. ومع ذلك، من المهم أيضًا فهم أن هذا التنافر لم يكن يومًا بالقساوة والعمق كما هو الحال في المنعطف الحالي. إن سد هذه الفجوة ليس ضروريًا للسلطات فحسب، بل لمجتمع الأعمال. أيضًا

 

تأثير الواقع الاجتماعي والسياسي

على الرغم من تعرض الجيل زد في إيران للمساحات الافتراضية إلى حد كبير، إلا أنه ليس بعيدًا عن الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الحقيقية. وشكل العقد الماضي مرحلة مؤلمة في تاريخ البلاد الحديث. فقد انتقل المجتمع والشركات على حد سواء من لحظة الأمل والتفاؤل في أعقاب توقيع الاتفاق النووي لعام 2015، إلى اليأس والإحباط الحاليين بسبب الفساد وتردي الوضع الاقتصادي وسوء الإدارة والقيود الاجتماعية. وبالتالي، فإن الاضطرابات الاجتماعية الحالية هي تعبير الجيل الجديد عن عدم الرضا عن الوضع الراهن.

وكما لاحظ عالم الاجتماع والنائب المحافظ السابق عماد أفروغ، "لقد نشأ استياء متعدد المستويات في السنوات الأخيرة تمثل في عدم الرضا عن ارتفاع معدلات التضخم والبطالة والعقوبات وانعدام الأمل في المستقبل ونقص المشاركة السياسية والثقافية والاقتصادية وما إلى ذلك... وهذه قضايا هيكلية".

من وجهة نظر أفروغ، فإن جيل زد هو "الجيل الذي تعرض للخيانة" وهو ما أدى اليوم إلى إلى "تمرد المرفوضين". ويسرد قضايا مثل الريعية والامتيازات للقلة والتمييز في التنافس العلمي والثقافي والتعليمي والاقتصادي كأسباب للغضب المتنامي وخيبة الأمل بين الشباب. كما يؤكد أفروغ أن مشكلة البلاد الأساسية لا تكمن "في الأقوال إنما بالأفعال"، معتبرًا أن هناك "فجوة كبيرة بين القول والفعل" بسبب "مصالح القلة".

في الواقع، تؤكد الاحتجاجات الحالية على أن الجيل الجديد من الإيرانيين لن يقبل بالسياسات التمييزية للجمهورية الإسلامية. وبما أن الحجاب الإلزامي للمرأة أصبح رمزًا للتمييز، يبدو أن الشباب الإيراني قرر رفض جميع أشكال التمييز.

 

المسار المستقبلي

لدى شريحة متزايدة من الشباب الإيراني رغبة في الهجرة لغياب أي أمل في التغيير. وبينما تؤثر أنماط الهجرة الحالية سلبًا على التنمية الاقتصادية، ليس هناك شك في أن مطالب وتطلعات الشباب الإيراني ستؤثر على شكل قطاع الأعمال في البلاد واتجاهه تمامًا كما قاد جيل الألفية ظهور عدد من الشركات الناشئة التي غيرت قواعد اللعبة على مدار العقد الماضي.

وفي حين أن الجيل زد يشارك الإيرانيين الأكبر سنًا درجة عالية من خيبة الأمل تجاه الهياكل المحافظة والتسلسل الهرمي، إلا أنه لا يظهر نفس درجة الطاعة. وعلى الرغم من أن القمع الحكومي قد يخنق التطلعات السياسية، من غير المرجح أن تغير سلوك الشباب الإيراني وتوقعاته في مكان العمل.

ويحتاج قادة الأعمال إلى التفكير في أنه إذا كان الجيل زد مستعدًا للوقوف في وجه المؤسسة الحاكمة الوحشية، فسوف يتحدى في الوقت المناسب أيضًا القيم المحافظة الموجودة في مكان العمل ما يفرض تحولًا في الحدود الحالية. بعبارة أخرى، في حين يعتبر التطور التقني الدافع الأبرز لثورة الشركات الناشئة في إيران، فإن العنصر التحولي التالي في الدولة سينبع من التغيير في الموارد البشرية. إن وضع حد لمثبطات الأجيال الأكبر سنًا سيكون له تداعيات في الوقت المناسب ليس فقط على السياسة والمجتمع، لكن أيضًا على الأعمال التجارية. فأرباب العمل الإيرانيون ليس لديهم خيار سوى الاستعداد للتكيف وفقًا لذلك.

بيجن خواجه بور
بيجن خواجه بور
بيجن خواجه بور
بيجن خواجه بور هو الشريك الإداري في يوراسيان نيكسوس بارتنرز Eurasian Nexus Partners - شركة استشارية ... سيرة كاملة
Englishإنجليزي
Englishإنجليزي
فارسیفارسي
فارسیفارسي