6 مارس 2024

تحليل معمق: الانتخابات الإيرانية تسلط الضوء على المنافسات السياسية وخلافة القيادة

إيران/سياسة

الخبر: في ظل الإقصاء الجماعي للمرشحين المعتدلين والمؤيدين للإصلاح، دارت المعركة الانتخابية للبرلمان الجديد ومجلس الخبراء في إيران بين المحافظين والمتشددين. وفي هذه المنافسة، يبدو أن جيلًا أصغر سنًا من المتشددين قد نجح في ترجيح كفته في بعض الدوائر الانتخابية.

وفي الوقت نفسه، يصر أنصار المؤسسة السياسية على أن الدعوات للمقاطعة قد فشلت على الرغم من أن الأرقام تشير إلى انخفاض قياسي في إقبال الناخبين. ويقول منتقدو الإحصاءات الرسمية إن نسبة المشاركة الحقيقية كانت على الأرجح أقل من الأرقام المنخفضة التي أعلنتها السلطات. ويأتي ذلك وسط تكهنات حول الإدلاء بعدد غير مسبوق من الأصوات الباطلة.

التغطية: بعد وقت قصير من إغلاق صناديق الاقتراع في إيران عند منتصف ليل الأول من مارس/آذار، أفادت وسائل إعلام رسمية أن أكثر من 25 مليون شخص، أي 41 بالمئة من الناخبين، أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التشريعية.

  • احتفلت وسائل إعلام حكومية وأخرى محافظة بـ "فشل حملة المقاطعة" حتى مع انخفاض نسبة المشاركة إلى مستوى قياسي. وشهدت الانتخابات البرلمانية السابقة لعام 2020 نسبة تصويت بلغت 42.5 بالمئة، بينما أدلى أكثر من 60 بالمئة بأصواتهم في عام 2016.

  • نشرت صحيفة همشهري على صفحتها الأولى صورة معدلة للرئيس الأميركي جو بايدن وقد غطى فمه رجل إيراني يحمل ورقة اقتراع. وقالت الصحيفة المحافظة، التي تديرها بلدية طهران، إن الناخبين "وجهوا صفعة" لمؤيدي المقاطعة.

  • وفي الوقت نفسه، وردت تقارير تزعم أن الأصوات الباطلة في بعض الدوائر الانتخابية تجاوزت الأصوات الصحيحة. وقال وزير الداخلية أحمد وحيدي إن 5 بالمئة من جميع بطاقات الاقتراع كانت باطلة.

وأشادت صحيفة كيهان اليومية المتشددة في 3 مارس/آذار بالانتخابات "العظيمة". وفي الوقت نفسه، ألقت باللوم في انخفاض نسبة المشاركة على الحكومة المعتدلة للرئيس السابق حسن روحاني (2013-2021).

  • زعمت الصحيفة، التي يعين المرشد الأعلى لإيران رئيس تحريرها، أن الناس تجاهلوا دعوات المقاطعة وأن أولئك الذين امتنعوا عن التصويت هم أفراد غير راضين عن الأوضاع الاقتصادية.

  • زعمت صحيفة كيهان أن "المشكلة الرئيسة هي الإرث غير المرغوب فيه" لحكومة روحاني وأشادت بمقاربة الإدارة الحالية للرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي (2021-) في حل المشاكل العالقة.

  • يسيطر المحافظون على البرلمان منذ انتخابات 2020، عندما تم استبعاد عدد من المرشحين المؤيدين للإصلاح. كما مُنع جميع الطامحين الإصلاحيين الرئيسين من الترشح في انتخابات عام 2021، التي شهدت فوز رئيسي في السباق الذي شهد أدنى نسبة إقبال على صناديق الاقتراع في تاريخ الانتخابات الرئاسية الإيرانية.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، شارك منتقدو المؤسسة السياسية مقاطع من خطاب ألقاه المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي عام 2002، والذي سخر فيه من انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الغربية.

  • يظهر خامنئي وهو يقول إن مشاركة الناخبين بنسبة 40 بالمئة في بعض الدول الغربية التي لم يسمها، تظهر أن الناس "لا يهتمون ويفتقرون إلى الثقة والأمل في مؤسستهم السياسية".

وقد أدلى كل من روحاني وسلفه المحافظ محمود أحمدي نجاد (2005-2013) بصوتيهما في انتخابات الأول من مارس/آذار. لكن يبدو أن الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي (1997-2005) لم يشارك وهو ما أثار استياء المتشددين.

  • في 2 مارس/آذار، قال محمد علي أبطحي، أحد الأصدقاء المقربين من خاتمي، إن الرئيس السابق شعر على الأرجح أن عدم التصويت هو "الطريقة الوحيدة" للفت الانتباه لمخاوفه. فبعد أن عمت الاحتجاجات المناهضة للمؤسسة البلاد عام 2022، أعرب خاتمي عن قلقه المتزايد بشأن بعض سياسات الدولة.

  • كما أشاد أنصار الرئيس الإصلاحي السابق بقراره، حيث قال البعض على وسائل التواصل الاجتماعي إن خاتمي "وقف إلى جانب الشعب".

  • مع ذلك، انتقد المحافظون الإصلاحي البارز واتهموه بدعم منتقدي الجمهورية الإسلامية الذين كانوا يدعون إلى المقاطعة.

وذكرت التقارير الأولية أن نسبة الإقبال في العاصمة الإيرانية طهران تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة بلغت 24 بالمئة. ومع ذلك، ارتفع هذا الرقم بشكل مفاجئ إلى 34 بالمئة في 3 مارس/آذار.

  • تم الإعلان عن الرقم الجديد بعد تكهنات في وسائل الإعلام بأن أحدًا في العاصمة الإيرانية لم يحصل على الأصوات الكافية للفوز بمقعد برلماني. وتجدر الإشارة إلى أن طهران سجلت أدنى نسبة مشاركة للناخبين على مستوى البلاد في الانتخابات التشريعية لعام 2020 والانتخابات الرئاسية لعام 2021، حيث بلغت 26.24 بالمئة و34.39 بالمئة على التوالي.
  • أشارت الأرقام المحدثة المنشورة في 3 مارس/آذار إلى أن مصير نصف المقاعد في طهران سيتم تحديده في جولة الإعادة.

  • نظرًا لعدد سكانها الكبير، تبلغ حصة طهران في البرلمان المؤلف من 290 عضوًا 30 مقعدًا. ويوجد في العاصمة أيضًا 16 ممثلًا في مجلس الخبراء المؤلف من 88 مقعدًا. والمجلس هو هيئة دينية مكلفة بالإشراف على أداء المرشد الأعلى وتعيين خليفته.

ونظرًا للإقصاء الجماعي للمرشحين المعتدلين والمؤيدين للإصلاح، لم تدعم الجماعات الإصلاحية أي مرشح في الانتخابات. لكن ذلك لم يعالج التصدعات في المعسكر المحافظ. فقد شارك المتشددون المنقسمون بأربع قوائم منفصلة في طهران في الانتخابات البرلمانية.

  • على الرغم من أنها ليست نهائية، إلا أن النتائج في العاصمة تظهر أن المحافظين التقليديين خسروا مقاعدهم لصالح أحزاب أكثر تشددًا.

  • تراجع رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي احتل المركز الأول في طهران في انتخابات 2020، إلى المركز الرابع خلف مرشحين أكثر تشددًا.

  • اعتبر الموقع الإخباري رويداد 24 في 3 مارس/آذار أن الخسائر التي تكبدها ائتلاف قاليباف ناجمة عن مجموعة من القضايا، بما في ذلك الفضائح الأخيرة التي تورطت فيها عائلته.

وإحدى النتائج البارزة لانتخابات مجلس الخبراء هي فشل آية الله صادق آملي لاريجاني في الاحتفاظ بمقعده في المجلس. وشغل رئيس المحكمة العليا السابق (2009-2019)، لاريجاني، منصب رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ العام 2018.

  • لاقت هزيمة لاريجاني ترحيبًا من المحافظين الأكثر تطرفًا. وزعم آخرون أنه تم إقصاؤه عمدًا لتمهيد الطريق أمام رئيسي لخلافة خامنئي كمرشد أعلى.

السياق/التحليل: دعا ناشطون داخل إيران وخارجها إلى مقاطعة الانتخابات قبيل إجرائها في الأول من مارس/آذار.

  • وحذر آخرون، ممن لم يدعوا صراحة إلى المقاطعة، المؤسسة السياسية من أنها جعلت الانتخابات "بلا معنى" من خلال استبعاد معظم المرشحين المؤيدين للإصلاح. كما زعم المنتقدون أن المستويات العليا في السلطة جعلت الأمور أسوأ من خلال "عدم الاستجابة" لمطالب الشعب.

ويأتي هذا الإقبال المنخفض على الرغم من أن السلطات في إيران لم تفوت فرصة لتشجيع الجمهور على الإدلاء بأصواتهم.

  • تحدث خامنئي، الذي أُفيد بأنه أفتى ذات مرة بأن التصويت "واجب ديني"، بشكل واضح عن أهمية تسجيل نسبة المشاركة العالية.

  • في يوم انتخابات الأول من مارس/آذار، قال المرشد الأعلى إن التصويت "سيسعد الأصدقاء ويحبط الأعداء".

هذا وكان مدح صحيفة كيهان لرئيسي واعتبارها روحاني سببًا للإقبال المنخفض أمرًا متوقعًا بالنسبة للمحافظين.

  • لطالما رفض المعسكر المحافظ القوي تحمل المسؤولية عن ضعف نسبة الإقبال على التصويت وألقي اللوم على المنافسين المحليين والعوامل الخارجية.

كما سلطت الانتخابات الضوء على السقوط السريع لعائلة لاريجاني، التي كانت ترأس ذات يوم فرعي السلطة التشريعية والقضائية في إيران.

  • بدأ الانهيار السياسي للعائلة باستبعاد علي لاريجاني، رئيس البرلمان الأطول خدمة (2008-2020) في تاريخ الجمهورية الإسلامية، من الانتخابات الرئاسية لعام 2021.

  •  احتج صادق لاريجاني، شقيق علي لاريجاني وعضو مجلس صيانة الدستور الذي يتولى فحص أهلية المرشحين، على استبعاد أخيه عام 2021. كما رفض صادق لاريجاني التوقيع على أوراق اعتماد رئيسي ليصبح رئيسًا، ثم توقف عن حضور اجتماعات مجلس صيانة الدستور واستقال في نهاية المطاف من المجلس.

  • بعد أن كانت أسرة لاريجاني عائلة سياسية بامتياز، أصبح مقعد صادق لاريجاني كرئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هو المنصب الأعلى الوحيد الذي تحتفظ به العائلة.

المستقبل: يبدو أن المحافظين يستعدون لمواصلة هيمنتهم على البرلمان، مع تمثيل أكثر تشددًا في الدورة التشريعية المقبلة.

  • قد يصعّب التمثيل الأوسع للمتشددين التعامل مع الغرب بشكل عام، ومحادثات الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 بشكل خاص.

ومع بلوغ خامنئي عامه الخامس والثمانين الشهر المقبل، يبدو أن المحافظين قد عززوا سلطتهم مع اقتراب خلافة القيادة. أحد الأسئلة الرئيسة الآن هو من هو المرشح المتوقع أن يحل محل خامنئي.

  • مع منع المعتدلين مثل روحاني من الدفاع عن مقاعدهم في مجلس الخبراء، يرى المراقبون أن المرشد الأعلى القادم من المرجح أن يكون متشددًا.

  • يزعم بعض المراقبين أن خسارة لاريجاني لمقعده في مجلس الخبراء والطريق السهل الذي سلكه رئيسي للفوز في نفس الانتخابات يشيران إلى أن الرئيس الحالي قد يكون في طريقه ليصبح المرشد الأعلى.

  • كما أشار خبراء آخرون إلى مجتبى نجل خامنئي كخليفة محتمل لوالده. ومع ذلك، يرفض معظم الخبراء احتمال تحول الجمهورية الإسلامية التي تأسست بعد الإطاحة بالنظام الملكي عام 1979 إلى حكم الأسرة الحاكمة.
فريق امواج.ميديا
فريق امواج.ميديا
فريق امواج.ميديا
Englishإنجليزي
Englishإنجليزي
فارسیفارسي
فارسیفارسي