9 يناير 2024

رسائل متعددة وراء هجوم نادر طال مكانًا قريبًا من مقر السلطة الكردية في العراق

العراق/أمن

الخبر: استُهدفت قوات الأمن الكردية في غارة نادرة بطائرة مسيرة في شمال العراق. وتعرضت قاعدة تابعة للبيشمركة في المنطقة التي يقع فيها مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم للقصف. وبينما لم يعلن أحد مسؤوليته عن الهجوم، فهو يأتي بعد أشهر من استئناف العمليات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا من قبل كيان جديد يعرف باسم "المقاومة الإسلامية في العراق". ويأتي الحادث أيضًا وسط توترات سياسية متزايدة بين أربيل وبغداد، ما أثار ردود فعل حادة.

التغطية: ضربت طائرتان مسيرتان هجوميتان قاعدة للبيشمركة في بيرمام ليلة 30 ديسمبر/كانون الأول 2023، بحسب حكومة إقليم كردستان.

  • تقع المنطقة المستهدفة على بعد نحو 28 كلم (17.4 ميلًا) شمال شرق مدينة أربيل. ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات، على الرغم من أن الغارة تسببت في أضرار مادية.

  • تعدّ بيرمام على وجه الخصوص مقرًا لكبار قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، بما في ذلك رئيس الحزب مسعود بارزاني ونجله رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني. وبالتالي فإن المنطقة حساسة للغاية سواء من الناحية الأمنية أو من الناحية الرمزية السياسية.


وجاءت ردود فعل مسؤولي الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة إقليم كردستان غاضبة على الحادث، ووصفوه بأنه "هجوم إرهابي".

  • قال رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، في بيان إن "الاعتداء على البيشمركة، وهي قوة رسمية وجزء لا يتجزأ من منظومة الدفاع الاتحادية العراقية، هو تصعيد خطير وغير مقبول".

  • أدان رئيس وزراء إقليم كردستان بارزاني "الخارجين عن القانون والمتعاونين معهم". وفي إشارة مستترة إلى الجماعات المسلحة الشيعية، قال بارزاني: "إنهم يستخدمون أموال الدولة وأسلحتها لمهاجمة إقليم كردستان، وزعزعة استقرار البلاد بأكملها، والمخاطرة بتجدد الصراع في دولة شهدت ما يكفي من إراقة الدماء".

وللمساعدة في إدارة التوترات المتصاعدة، تعاونت شخصيات كردية عراقية بارزة مع كبار أعضاء المؤسسة الأمنية في بغداد.

  • في 4 يناير/كانون الثاني، التقى زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي.

  • والجدير بالذكر أن رئيس الحزب الكردي أجرى أيضًا محادثات مع رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، فالح الفياض.

السياق/التحليل: بينما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن حادثة بيرمام، إلا أنها تأتي وسط هجمات مستمرة على منشآت تستضيف القوات الأميركية في العراق وسوريا.

  • بدأت "المقاومة الإسلامية في العراق" استهداف القوات الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بهدف واضح هو الضغط على إدارة جو بايدن لوقف حرب غزة.

  • تعرضت المنشآت الأميركية في كردستان العراق للقصف بشكل متكرر، بما في ذلك قاعدة أربيل الجوية. بالإضافة إلى ذلك، وقعت حوادث في قاعدة حرير الجوية، التي تقع على بعد نحو 70 كيلومترًا (44 ميلًا) خارج أربيل. وتقع مدينة بيرمام بين أربيل وحرير.

  • من بين ما يقدر بـ 150 هجومًا في العراق وسوريا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، استهدف نحو 30 منها قاعدتي أربيل وحرير، وفقًا لمعهد دراسة الحرب. وتجدر الإشارة إلى أنه بعد أيام فقط من حادثة بيرمام، تحديدًا في 5 يناير/كانون الثاني، تعرضت حرير لهجوم آخر بطائرة مسيرة.

وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إن حكومته ستبدأ "تحقيقًا شاملًا" في الهجوم على قاعدة البيشمركة.

  • وعلى النقيض من الضربات السابقة في كردستان العراق، لم تكن هناك إدانة أجنبية تذكر، وكانت فرنسا من بين الدول القليلة التي أصدرت بيانًا رسميًا.

وسعيًا منه لتجنب العواقب السياسية للهجمات الأميركية القاتلة على الجماعات المسلحة الشيعية المتهمة بالتورط في استهداف القوات الأميركية، سعى السوداني إلى تهدئة التوترات.

  • إزاء هذه التطورات، تجدد الإصرار على ضرورة مغادرة القوات الأميركية البلاد في أعقاب الغارة الجوية الأميركية في 4 يناير/كانون الثاني والتي أدت إلى مقتل مشتاق جواد كاظم الجواري، أبو التقوى، وهو قائد كبير في حركة حزب الله النجباء. والجدير بالذكر أن وسائل الإعلام التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني غطت الغارة الجوية الأميركية بشكل مكثف.

  • في اليوم التالي لمقتل الجواري، أعلن السوداني تشكيل لجنة لإنهاء وجود قوات التحالف والقوات الأميركية في العراق.

  • يؤيد الحزب الديمقراطي الكردستاني، والأحزاب الكردية العراقية بشكل عام بقوة الحفاظ على وجود قوات التحالف والقوات الأميركية. وفي هذا السياق، ربما يكون الهجوم على بيرمام محاولة للضغط على الحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن هذه القضية على وجه التحديد.

كما أن حكومة إقليم كردستان والحكومة الفيدرالية العراقية في خضم نزاع متعدد الجوانب، يبدأ بالميزانية والانتخابات ولا ينتهي بالنفط والأمن وغيرها من القضايا.

  • العلاقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس وزراء إقليم كردستان بارزاني على وجه التحديد متوترة مع الإطار التنسيقي الشيعي المدعوم من إيران.

  • أما العلاقات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والأحزاب العربية الشيعية الحاكمة فلا يشوبها العداء الصريح، إلا أنها غالبًا ما تكون متوترة. وفي المقابل، فإن الحزب الكردي الحاكم الرئيسي الآخر، أي الاتحاد الوطني الكردستاني يتفق تمامًا والإطار التنسيقي الشيعي.

  • من المحتمل أن تكون حادثة 30 ديسمبر/كانون الأول التي أظهرت القدرة على مهاجمة بيرمام ذات الأهمية الرمزية، طريقة أخرى لإبقاء الحزب الديمقراطي الكردستاني تحت الضغط وسط التوترات بين بغداد وأربيل.


المستقبل:
يمكن أن يحمل حادث بيرمام رسائل جيوسياسية محلية وأخرى أوسع للحزب الديمقراطي الكردستاني. ولذلك، من المهم متابعة التطورات المقبلة على كلا المحورين.

  • في نهاية المطاف، فإن احتمال انسحاب قوات التحالف والقوات الأميركية هو أمر بين بغداد والعواصم الأجنبية، مع قدرة أربيل على ممارسة نفوذ محدود فقط. ومع ذلك، فإن رد فعل الحزب الديمقراطي الكردستاني على مثل هذا التطور سيكون ذا أهمية سياسية.

  • فقدت الإدارة الإقليمية الكردية سلطتها تدريجيًا لصالح الحكومة الفيدرالية خلال العامين الماضيين. وباعتباره الحزب الرئيسي في حكومة إقليم كردستان، فإن هذا يضر بالحزب الديمقراطي الكردستاني أكثر من غيره. ومع استمرار الإطار التنسيقي الشيعي في الاستفادة مما يجري، يبقى أن نرى ما إذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني سيكون قادرًا على عكس الدينامية الحالية.

إذا كانت "المقاومة الإسلامية في العراق" متورطة في الهجوم في بيرمام، فقد يشير ذلك إلى أن الجماعات المسلحة الشيعية قادرة وجاهزة لاستهداف المنافسين السياسيين المحليين أيضًا.

  • كانت الهجمات على البيشمركة من قبل قوات متمركزة خارج كردستان العراق نادرة منذ عام 2017، وعندما تحدث، عادة ما تكون محدودة النطاق.

  • إذا زادت وتيرة وكثافة الضربات على مواقع البيشمركة، فإن ذلك سيكون مؤشرًا سلبيًا على العلاقات بين بغداد وأربيل. ومن الناحية السياسية، يمكن أن يؤثر هذا الأمر بدوره على احتمالية قيام الجانبين بالتوصل إلى إجماع دائم حول قضايا مثل الميزانية أو السياسة النفطية.
فريق امواج.ميديا
فريق امواج.ميديا
فريق امواج.ميديا
Englishإنجليزي
Englishإنجليزي
فارسیفارسي
فارسیفارسي