الخبر: مستفيدًا من دعم المرشد الأعلى لإيران، أعلن الرئيس حسن روحاني عن إحراز "تقدم بنسبة 60 إلى 70 بالمئة" في المحادثات المستمرة التي تهدف إلى إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة.
لكن مع ظهور مؤشرات على احتمال عودة الولايات المتحدة قريبًا إلى الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحبت منه عام 2018، زادت ضغوط المتشددين في الداخل [الإيراني] على المفاوضين الإيرانيين. وعلى الرغم من الدعم الصريح الأخير لآية الله علي خامنئي لفريق التفاوض، قامت هيئة الإذاعة الحكومية التي يهيمن عليها المحافظون ببث "فيلم وثائقي" ينتقد أداء هذا الفريق، مما أثار الجدل في البلاد.
التغطية: صرح الرئيس روحاني في 20 أبريل/نيسان قائلًا "إذا [تعامل] الأميركيون بصدق، سنصل إلى نتيجة في وقت قصير."
وتعليقًا على المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة الجارية في فيينا، قال كبير المفاوضين النوويين عباس عرقجي في 20 أبريل/نيسان إن فريقه يتابع عمله وفقًا للمبادئ التوجيهية التي وضعها صانعو القرار الرئيسيون في طهران. وأضاف قائلًا إن جميع الأطراف "معنية" بالتوصل إلى حل. ووصف عرقجي المحادثات بأنها "بناءة" و "مهنية"، مؤكدًا أن إيران تقوم "بإعداد الخطوة النهائية" لإعادة جميع الأطراف إلى الامتثال الكامل للاتفاق.
يبدو أن تأكيد عرقجي على بقاء "خطوة نهائية" واحدة يهدف إلى صرف الانتباه عن الانتقادات المحلية لبعض التقارير الصادرة عن وسائل الإعلام الغربية حول اتجاه خواتيم الخطة إلى صفقة تدريجية مجزأة أو مؤقتة.
في هذا السياق، غرّد النائب المتشدد البارز مرتضى آقاتهراني في 20 أبريل/ نيسان، قائلًا يبدو أن وزارة الخارجية تتصرف ضد مصالح الشعب الإيراني بل ضد خامنئي نفسه، ملمحًا بذلك إلى اشتراط المرشد الأعلى على الولايات المتحدة رفع جميع العقوبات قبل أن تعود إيران إلى الامتثال الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة.
وسط هذه الأجواء المتوترة، تواصل هيئة الإذاعة الحكومية التي يهيمن عليها المحافظون هجماتها على إدارة روحاني.
وكانت الحلقة الأولى من وثائقي "نهاية اللعبة" الذي يتألف من ثلاثة أجزاء، قد بُثت في 20 أبريل/نيسان. وينتقد "الوثائقي" الاتفاق النووي بشدة من دون أن يوفر روحاني وفريق التفاوض الذي يرأسه وزير الخارجية محمد جواد ظريف.
وبدوره سخر الرئيس من الإذاعة الحكومية في 21 أبريل/ نيسان، قائلاً "إنهم يكشفون [فقط] عن طبيعتهم الحقيقية من خلال بث مثل هذه الأفلام." أما على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، فقد انتقد الصحافي الإصلاحي أمير سيدين "الفيلم الوثائقي"، مؤكداً أنه مهين للغاية لإدارة روحاني وأنه حتى "الدول المعادية" لن تقوم بعرض [مثل هكذا فيلم].
من ناحية أخرى، تصادم عرقجي في 20 أبريل/نيسان مع تلفزيون برس تي في (Press TV) الإيراني الناطق بالإنجليزية، بعد أن نشر اقتباسات إضافية عمّن أسماه "مصدرًا مطلعًا" ألمح فيها إلى أن فريق التفاوض بحاجة إلى تذكير بخطوط خامنئي الحمراء. فردّ عرقجي عبر تويتر قائلًا بأن ذلك المصدر " لم يكن مطلعًا على الإطلاق." ودافع الناشط المتشدد جواد ملكي عن برس تي في وغرد مخاطبًا عرقجي: "لسوء الحظ، تسبب أداؤك في خطة العمل الشاملة المشتركة ببث القلق بين الناس [حول المحادثات الجارية حاليًا]".
السياق/التحليل: تأتي هجمات المتشددين المستمرة على إدارة روحاني على الرغم من موافقة خامنئي الصريحة على المحادثات في فيينا، وتعبيره عن الأمل في أن تجلب نتيجة هذه المفاوضات الفرح للشعب الإيراني.
وفي حين كان من المتوقع أن يؤدي تأييد خامنئي المتجدد لظريف إلى وقف تصاعد الهجمات على مفاوضي الجمهورية النوويين، بقي الوضع على حاله إلى حد كبير. وقد تشير هذه الديناميكيات إلى أن بعض هيئات الجمهورية الإسلامية لا تخضع بالضرورة لخامنئي بالكامل عندما تشعر بأن مصالحها في خطر، مما ينبئ بالمزيد من التصادمات في المستقبل.
وأثارت تصرفات هيئة الإذاعة الحكومية على وجه الخصوص جدلًا واسعًا في إيران وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي. وانتقد عدد من الإيرانيين التلفزيون الحكومي بسبب المحتوى الذي يقدمه واحتكاره البث داخل إيران، وأيضًا لقيامه بالتهجم على الحكومة وهي في خضم استحقاق بهذه الأهمية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يشن فيها التلفزيون الحكومي الإيراني هجومًا على روحاني وظريف. فقبل أسابيع فقط، وكما أفاد موقع أمواج.ميديا سابقًا، عُرض الموسم الثاني من مسلسل التجسس التشويقي "غاندو" (Gando) الذي استهدف وزير الخارجية بشكل مباشر كما اتهم مفاوضي خطة العمل المشتركة الشاملة بالتجسس. وبعدما أثار عرض هذا المسلسل ردود فعل عنيفة بين السياسيين والإيرانيين العاديين، توقف بث حلقاته فجأة.
المستقبل: من غير المرجح أن يتوقف الهجوم الذي يشنه المتشددون حاليًا في طهران تزامنًا مع استمرار ظهور إشارات إيجابية بشأن بإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. وفي ظل هكذا أجواء، قد يشن التلفزيون الحكومي هجمات مماثلة ضد فريق التفاوض في محاولة منه لعرقلة المحادثات.
ويتمثل الهم الرئيس لدى معسكر المتشددين في الآثار المحتملة التي قد يخلفها إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. فإذا أعيد هذا الاتفاق إلى الحياة، من المحتمل أن يشهد الاقتصاد الإيراني تحسنًا، ما سيزيد شعبية الإصلاحيين المقيدين. علاوة على ذلك، قد تشهد الدعوات الموجهة إلى ظريف لخوض تجربة الرئاسة زخمًا كبيرًا وربما تجعله المرشح الأوفر حظًا. ومع بقاء أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية الإيرانية، لا يبدو أن هذا السيناريو سيعجب المتشددين.