الخبر: استقال وزير البيئة العراقي وسط تصاعد الغضب الشعبي إزاء تقاعس الحكومة عن معالجة الظروف البيئية المتدهورة. وقد أدى تركه لمنصبه من دون أي تعليق يذكر إلى تكهنات كبيرة حول ظروف خروجه. وفي حين تشير التقارير إلى أن الاستقالة ترجع إلى صراع سياسي داخلي، اعتبر ناشطون وجماعات من المجتمع المدني أن الوزير لم يتعامل بشكل كاف مع الأزمات البيئية المتعددة في العراق بما في ذلك تلوث الهواء المتزايد.

التغطية: أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية في 25 أكتوبر/تشرين الأول أن نزار آميدي، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني ومقره السليمانية، استقال لتكريس مزيد من الوقت "للعمل السياسي الحزبي".

أوضحت مصادر أخرى أن خروج آميدي جاء بعد أن عُرِضَ عليه منصب رئاسة المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، وهو المنصب الذي يتعارض مع اللوائح الداخلية للحزب الكردستاني إذا تم شغله بالتزامن مع منصب وزاري اتحادي.

بكل الأحوال، مهما كانت ظروف الخروج، فقد اغتنم المراقبون الفرصة لمناقشة ما وصفه الكثيرون بالأداء الباهت لهذا الوزير.

زعم بعض المستخدمين على تويتر/إكس أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني رفض الموافقة على استقالة آميدي، فيما زعم آخرون أن آميدي لم يعترف بـ "إخفاقاته".

تم تعيين آميدي وزيرًا للبيئة في عام 2022، بعد وقت قصير من تكليف السوداني بتشكيل حكومته. غالبًا ما ينظر المراقبون إلى الوزارة على أنها ضعيفة وغير فعالة.

واجه آميدي غضبًا عامًا مستمرًا بسبب تقاعسه الملحوظ عن تحسين المعايير البيئية. ففي أوائل أكتوبر/تشرين الأول الذي سبق الاستقالة، اشتكى أحد المراقبين على وسائل التواصل الاجتماعي من أداء الوزير، متسائلًا "ألم يحن الوقت لاستبداله؟"
ألقى مستخدم آخر باللوم على سلبية وزارة البيئة الملحوظة حيال نظام التوزيع الإثني الطائفي في العراق، واصفًا البلاد بأنها "تخضع لحكم العمائم". كما أشار المستخدم إلى التضخم الإداري، حيث ينفق "الطغاة البيروقراطيون المليارات على المخصصات" لشخصيات متحالفة مع الأحزاب.

السياق/التحليل: في حين نفذ العراق في السنوات الأخيرة سياسات مجزأة لمعالجة القضايا البيئية القائمة منذ فترة طويلة، لم يتم تقديم "استراتيجية بيئية وطنية" شاملة إلا في سبتمبر/أيلول.

أُفيد بأن الحملة، التي تقودها وزارة البيئة العراقية، تهدف إلى تعزيز الاستدامة والزراعة "المقاومة للمناخ" ومكافحة التلوث. وقد تلقت المبادرة دعمًا واسع النطاق من الوكالات الدولية.

وصف أحد مسؤولي الأمم المتحدة الحملة بأنها "خريطة طريق جريئة وشاملة" تعكس "رغبة جماعية في عراق أكثر نظافة وخضرة ومرونة". ومع ذلك، بعد أسابيع فقط من الكشف عن الحملة، ضرب العراق عدد من الأزمات المتعلقة بالتلوث.

لقد عانت بغداد على وجه الخصوص من التلوث الحاد، وخاصة السحب الكبريتية الثقيلة التي تترك رائحة نفاذة في الهواء. وزعمت لجنة حقوق الإنسان العراقية أن أكثر من 200 شخص تم نقلهم إلى المستشفى بسبب أعراض الجهاز التنفسي نتيجة لذلك.

ويلقي الخبراء باللوم في تدهور جودة الهواء على عدة أسباب، بما في ذلك ممارسة حرق الغاز في مصافي النفط المحيطة ببغداد فضلًا عن مصانع الأسفلت والطوب المنتشرة في العاصمة.

دعا المسؤولون بعد ذلك إلى إيجاد حلول عاجلة لوزارة البيئة، ما أدى إلى تحرك السوداني في منتصف أكتوبر/تشرين الأول لإصدار تعليمات إلى عدد من الوزارات لتنظيم "الأنشطة الملوثة".
كما اعتبر أحد الخبراء الفنيين في وزارة البيئة أن تغير الظروف الجوية الموسمية الذي يسهم في ركود الهواء يؤدي إلى تفاقم الأسباب البشرية للتلوث.

وفي خضم الوعي العام المتزايد بهذه القضية، أبلغ صادق عطية، الخبير في هيئة الأرصاد الجوية العراقية ودائرة الزلازل في 11 أكتوبر/تشرين الأول عن "زيادة كبيرة وخطيرة" في التلوث.

أشار عطية إلى أن الجسيمات في الهواء تجاوزت 150-225 ملغم/م³، أي ما يزيد بنحو 18-24 مرة عن الحد الآمن الذي حددته منظمة الصحة العالمية. وألقى الخبير باللوم على "مصافي النفط والمصانع وعوادم السيارات وحرق النفايات" في الأزمة.

المستقبل: آميدي هو أول وزير يستقيل من حكومة السوداني. ومن المرجح أن يؤدي قراره بالقيام بذلك وسط تفاقم الأزمات البيئية إلى تأجيج المزيد من المزاعم بأن النخب السياسية في العراق تعطي الأولوية للسياسة الحزبية على مطالب الحكم المسؤول.

نظرًا لأن المناصب الوزارية موزعة بموجب نظام الحصص الإثني الطائفي غير الرسمي في العراق، حيث يشغل وزارة البيئة عادة عضو في الاتحاد الوطني الكردستاني، تشير بعض المصادر إلى أن المنصب قد يظل شاغرًا لأسابيع أو أشهر حتى يتم العثور على بديل.
تشير مصادر أخرى إلى أن آميدي اختير لرئاسة المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني حيث يهدف الحزب إلى "تعزيز علاقاته" مع صناع القرار في عاصمة العراق. إذا كان هذا صحيحًا، فقد يشير ذلك إلى أن الحزب المتمركز في السليمانية ربما يسعى إلى إعادة ضبط العلاقات مع أصحاب النفوذ في بغداد في أعقاب الانتخابات التشريعية الأخيرة في إقليم كردستان العراق وهي الانتخابات التي لم يحقق فيها أي حزب أغلبية مطلقة.